أمسية للتحميل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ * نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 45، 50].
قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾:
المتقون: هم الذين فعلوا الطاعات واجتنبوا المعاصي والذنوب.
جنات: أي بساتين جامعة للأشجار، وسمِّيت جنة؛ لأنها تجنّ من فيها: أي تستره لكثرة أشجارها وأغصانها.
العيون: هي الأنهـار الأربعة: ماء، وخمر، ولبن، وعسل، وهذه الأنهـار تجري من تحت القصور والأشجار، قال تعالى: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15].
قوله تعالى: ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ ﴾ أي:
بسلامة من كل داء وآفة. وآمنين: أي من كل خوف وفزع، ولا تخشوا من إخراج، ولا انقطاع شيء من النعيم الذي أنتم فيه أو نقصانه، كالموت، والنوم، والمرض، والحزن، والهم، وسائر المكدرات، كما قال تعالى: ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ﴾ [ق: 34]، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ينادي منادٍ إن لكم أن تَصِحُّوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، فذلك قوله عز وجل: ﴿ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 43]» [1]، والأمن مطلب لجميع الناس في الدنيا والآخرة، ولذلك قال تعالى عن أهل الجنة (آمنين)، حتى تكتمل السعادة والفرحة.
قال أمية بن الصلت:
وحل المتقون بدار صدق
وعيش ناعم تحت الظلال
لهم ما يشتهون وما تمنوا
من الأفراح فيها والكمال
قوله تعالى: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]:
الغلّ: هو الحقد والعداوة، فَبَيَّنَ تعالى في هذه الآية الكريمة أنه نزع ما في صدور أهل الجنة من الغل في حال كونهم إخواناً، وبيَّن هذا المعنى وزاد أنهم تجري من تحتهم الأنهار في نعيم الجنة، وذلك في قوله: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 43].
قال ابن كثير: وهذا موافق لما في الصحيح من رواية قتادة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فَيُقَصُّ لبعضهم من بعضٍ مظالمَ كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبُوا ونُقُّوا أذن لهم في دخول الجنة»[2].
ولما دخل عمران بن طلحة على علي رضي الله عنه بعدما فرغ من أصحاب الجمل، فرحب به وأدناه وقال: إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47].
والحكمة في نزع الغلِّ؛ حتى تكتمل السعادة والفرحة، فإن الغلَّ يفسد القلوب ويضيق به الصدر، ولذلك شرح الله صدر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأرسل الله له في صغره مَلَكين، ونزعا ما في صدره من الغلِّ والحقد وغسلا قلبه.
قوله: ﴿ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾:
السرر: جمع سرير مثل جديد وجُدد، وقيل: هو من السرور، فكأنه مكان رفيع ممهد للسرور، قال ابن عباس: على سرر مكلّلة بالياقوت والزبرجد والدّر.
السرير ما بين صنعاء إلى الجابية وهي قرية بالشام، وما بين عدن إلى أيلة وهي مدينة على ساحل البحر الأحمر مما يلي الشام، وقد وصف الله هذه السرر بأنها منسوجة بقضبان الذهب وهي (الموضونة)، فقال: ﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الواقعة: 13، 16].
وقيل: الموضونة المصفوفة، كقوله تعالى: ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾ [الطور: 20].
وأيضاً هذه السرر مرفوعة، قال تعالى: ﴿ فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ﴾ [الغاشية: 13]، وقال تعالى: ﴿ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾ [الواقعة: 34]، وقال سبحانه: ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ﴾ [الرحمن: 76].
قوله تعالى: ﴿ مُتَقَابِلِينَ ﴾:
أي: لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض، وذلك دليل على تزاورهم واجتماعهم وحسن أدبهم فيما بينهم، في كون كل منهم مقابلاً للآخر لا مستدبراً له، متكئين على تلك السرر المزينة بالفرش واللؤلؤ وأنواع الجواهر.
قوله تعالى: ﴿ لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ [الحجر: 48]:
بيَّن تعالى في هذه الآية الكريمة أن أهل الجنة لا يمسهم فيها نصب وهو التعب والإعياء، و﴿ نَصَبٌ ﴾: نكرة في سياق النفي فتعمُّ كل نَصَب، فدلت الآية على سلامة أهل الجنة من جميع أنواع التعب والمشقة، وأكد هذا المعنى سبحانه، فقال تعالى: ﴿ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴾ [فاطر: 35]؛ لأن اللغوب هو التعب والإعياء، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله هذه خديجة قد أتت، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب»[3].
قوله تعالى: ﴿ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾:
بيَّن تعالى أن أهل الجنة لا يخرجون منها، فهم دائمون في نعيمها أبداً بلا انقطاع، وأوضح سبحانه هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ [الكهف: 107، 108]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴾ [ص: 54] إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 49-50]:
هذه الآية موازية لقوله صلى الله عليه وسلم، كما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة، ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة، ما قنط من جنته أحد»[4].
فالعبد ينبغي أن يكون قلبه دائماً بين الخوف والرجاء والرغبة والرهبة، ويكون الخوف في الصحة أغلب عليه منه في المرض، فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته وجوده وإحسانه أحدث له ذلك الرجاء والرغبة، وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربه أحدث له الخوف والرهبة والإقلاع عنها، فالقنوط من رحمة الله يأس، والرجاء مع التقصير إهمال، وخير الأمور أوساطها[5].
الآيات الخامسة عشرة والسادسة عشرة والسابعة عشرة وحتى الآية الواحدة والعشرين تبدأ بقوله تعالى:
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾
هؤلاء الذين اتقوا ربهم في الدنيا، هؤلاء الذين غضوا أبصارهم هؤلاء الذين حفظوا فروجهم، هؤلاء الذين حرروا دخلهم، هؤلاء الذين أنفقوا مالهم فيما شرع الله عز وجل، هؤلاء الذين ربوا أولادهم، هؤلاء الذين حملوا زوجاتهم على طاعة الله، هؤلاء الذين أقاموا الإسلام في بيوتهم، هؤلاء الذين أقاموا الإسلام في عملهم، هؤلاء الذين رجوا رحمة ربهم.
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15)﴾
هذه الثمرة، وهذه النتيجة،
﴿ آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ﴾
يعني، أيام إنسان يدع ويكرم، يجلس في أجمل مكان وعلى أفخر أريكة وأمام أجمل مناظر، تقدم له أنواع الشرابات، أنواع المقبلات، يخدم خدمةً رائعة، تقدم له ألوان الأطعمة، ألوان اللحوم، أنواع الفواكه، أنواع الحلويات، الورود، يعطر، يكرم، يشيع إلى الباب.
﴿ آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ﴾
كانوا في دنيا، كانوا في دار عمل، واليوم دار جزاء، كانوا في دار تكليف، واليوم دار تشريف، كانوا في دار كد والآن دار متعة،
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ ﴾
لماذا يعاملون هذه المعاملة ؟ لماذا يكرمون هذا التكريم ؟ لماذا هم في أعلى درجات السعادة ؟ قال:
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
هذا الثمن أن تكون محسناً في الدنيا، مطلق، تحسن عملك، تتقن عملك، تضبط لسانك، تربي أولادك، تكتفي بما أحل الله لك، تأخذ ما لك تترك ما ليس لك
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
لك صنعة أتقنها إرحم المسلمين بالأسعار، أتقن الصنعة من أجل أن ترقى،
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
ثمن هذه الجنة، التي لهم فيها ما يشاءون، التي هم يأخذون ما أتاهم ربهم، ثمن هذه الجنة
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
عمله طيب، في إنسان عمله سيئ، جار خبيث، جار شرير، جار عدواني.
أخ كريم يعمل في إكساء البيوت، أحد العمال يحمل أنبوب حديد مس سيارة الضوء الخلفي، أقسم لي بالله وهو صادق الضوء جرح اثنين سانتي، جرح ما انكسر، نزل صاحب المركبة أقام النفير، قال له كل خساره عليك، قال له: أمهلني إلى الغد، في الغد قال له: ثمانية عشر ألف وخمسمائة، قال له الضوء كله ثمنه ثلاثة آلاف، قال له ثمانية عشر ألف وخمسمائة، وإلا بقيم قيامتك، لأنه السيارة خاست قال له ركب ضوء جديد، قال له بفك الضوء وتركيبه السيارة خاست قال لي ثاني يوم آكل ضرب الصندوق واصل للمقعد الخلفي، بكاملها ما عاد طالبني بشي أبداً.
في إنسان عدواني، شرير، ما بريح أحد، واحد عمر غرفة بأرض الديار، بيته أرضي، بدو يزوج ابنه، لا حجب ريح، لا حجب منظر لا حجب شمس ضمن وجيبته الداخلية، خبر هدلوا ياها، عدواني.
هؤلاء
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
في محسن، وفي مسيء، في متواضع، في متكبر، في مفسد، في مصلح ، في مستقيم، في منحرف، في خائن، في مخلص، في معطاء، في أخَاذ، يبني حياته على الأخذ، في إنسان يبني حياته على العطاء.
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
هذه الجنة التي ينعمون بها، هذا النعيم المقيم، لهم فيها ما يشاءون،
﴿ آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16)﴾
هذا العطاء بسبب ذاك الإحسان.
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
لماذا صار محسناً ؟ من أين جاءه الإحسان ؟ من أين جاءه هذا الفضل ؟ طيب ما هذا التواضع ! ما هذه الرحمة التي في قلبه ؟ ما هذا الإنصاف ؟ ما هذه الواقعية التي يحياها؟ ما هذا القلب الكبير الذي يسع جميع الناس
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
قال
﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) ﴾
آيات متسلسلة، الجنة بسبب الإحسان، الإحسان بسبب الاتصال بالله، الله عز وجل مصدر كل كمال، فاتصلوا به فأصبحوا محسنين
﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)﴾
اتصالهم وتهجدهم وإقبالهم وتذللهم وافتقارهم وصلتهم بالله عز وجل صبغة قلوبهم بالكمال، فأصبحوا محسنين.
يعني الإنسان إذا اتصل بالله، الأثر الواضح أنه محسن، في كل شيء محسن، في بيته في عمله، في صنعته إن كان تاجر صادق، أمين لا يكذب، لا يغش، لا يحتال، لا يحاذي، إذا كان صانع متقن معتدل، في أي شيء
﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) ﴾
طيب، كيف اتصلوا بالله عز وجل ؟ بدنا السبب، قال
﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)﴾
أنفقوا من أموالهم فاتصلوا بربهم فأحسنوا إلى خلقه فاستحقوا جنة ربهم بالتسلسل،
﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)﴾
لماذا أنفقوا أموالهم وغيرهم لا ينفق ؟ لأنهم عرفوا ربهم، وفي الأرض آياتٌ للموقنين فكروا في ملكوت السماوات والأرض.
إذا كانت الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمائة ألف مرة، وبين الأرض والشمس مائة وستة وخمسين مليون كيلومتر، وفي نجم أحمر يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما، فكروا في الكون، فكروا في المجرات، فكروا في الشمس، في القمر، في الليل، في النهار، في خلقهم في هذه العين هذا الأنف، هذه الأذن، هذه الأعضاء، هذا الهيكل العظمي العضلات، القلب، الكبد، البنكرياس.
﴿ وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾
طيب، لماذا شغلوا غيرهم بكسب المال والمزاحمة على الشهوات ؟ وهم انشغلوا بالله، قال: لأنهم اعتقدوا،
﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23) ﴾
بالتسلسل، اعتقدوا أن الرزق مضمون، فاشغلوا أنفسهم بعض الوقت في رزقهم، بعض الوقت، وبعض الوقت في معرفة ربهم، فلما عرفوا ربهم تقربوا إليه في إنفاق المال، فلما تقربوا إليه في إنفاق المال اتصلوا به فلما اتصلوا به اصطبغت قلوبهم بالكمال، الانعكاس المادي إحسان للخلق، الإحسان سبب الجنة، انصرفوا إلى معرفة الله تقربوا إليه بإنفاق المال، أقبلوا عليه اصطبغت نفوسهم بكمال الله أصبحوا محسنين استحقوا جنة رب العالمين.
هذه الآيات:
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)﴾
الطريق مفتوح، أولاً أطلب العلم ولا تجعل كسب المال يأكل كل وقتك، أنت أكبر خاسر، لو كان دخلك باليوم مليون ودخلك الكبير ما سمح لك أن تفعل شيئاً ولا أن تستمع إلى مجلس علم ولا أن تؤدي طاعةً ولا أن تأمر بالمعروف، فأنت خاسر.
إخواننا الكرام: دققوا في هذه الجملة، العمل الذي يأكل كل وقتك خسارةٌ محققةٌ لك.
واحد راح لفرنسا ليدرس، ما معه، قال: بشتغل ساعة هالساعة بتكفي مصروف الشهر كل يوم ساعة، مهيأ يأتي بالدكتورة، موعود بمنصب رفيع ببلده، بأجمل بيت، بأجمل زوجة، بأجمل مكانة، بأجمل دخل، بأجمل مركبة، فلقى في شغلة ساعتين ضاعف مبلغه أحسن، ثلاث ساعات ثلاث أمثال، قام وجد شغلة حارس ليلي أثنى عشر ساعة، ووجد شغلة بالنهار أثنى عشر ساعة، قام غطى وقته كله أصبح دخله كبير كثير بفرنسا، يا ترى هذا الدخل ربح أم خسارة خسارة، ضيع بلده، وضيع مكانته، وضيع المنصب.
فأي عمل يأكل كل وقتك هو أكبر خسارةٍ لك، الإنسان يحيى في وقت فراغه، يلي ما عنده وقت فراغ ماله إنسان، هذا آله، يلي عمله يستغرق كل وقته هذا آلة، لا يفهم شيئاً، يأتي الموت فجأةً، أبداً، ماله مستعد، الموت يأتي فجأةً والقبر صندوق العمل.
ملخص الدرس:
إذا سمحت لعملك التجاري، أو الصناعي، أو المهني أن يأكل كل وقتك فأنت أكبر خاسر، لابد من أن تقتطع وقتاً لمعرفة الله، ومعرفة منهجه، لابد من أن تقتطع وقتاً لخدمة الخلق، للعمل الصالح، من أجل أن ترقى.
الشيء الثاني هي تسلسل، يعني عرفت الله، تقربت إليه اتصلت به، اصطبغت نفسك بالكمال، كنت محسناً دخلت الجنة.
لذلك الإنسان إذا وصل إلى الجنة حقق الهدف من وجوده، وكل إنسان يصل إلى الجنة فهو العاقل، وما سواه مجنون، عليه الصلاة والسلام رجل مجنون في الطريق، علم أصحابه قال من هذا، هو يعلم من هذا، قال هذا مجنون، قال لا، هذا مبتلى ! المجنون من عصى الله،
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)﴾
( سورة هود: 28 )
المجنون من عصى الله، لأنه في موت، نحن جميعاً بعد مائة عام ما في حدى منا موجود، كلنا تحت الأرض، بس موزعين، شيء بباب صغير وشيء بالجبل، كلنا تحت الأرض، أليس كذلك، قلت مائة عام حتى واحد صغير ما يقول أنا بكير عليَ، مائة عام، الموت مصير كل إنسان، والآخرة هي الأصل، لذلك هنيئاً لمن عمل لآخرته، يقول عليه الصلاة والسلام
(( الكيس من دان نفسه وعمل إلى ما بعد الموت، والعاجز من أتبعى نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..
والحمد لله رب العالمين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ * نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 45، 50].
قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾:
المتقون: هم الذين فعلوا الطاعات واجتنبوا المعاصي والذنوب.
جنات: أي بساتين جامعة للأشجار، وسمِّيت جنة؛ لأنها تجنّ من فيها: أي تستره لكثرة أشجارها وأغصانها.
العيون: هي الأنهـار الأربعة: ماء، وخمر، ولبن، وعسل، وهذه الأنهـار تجري من تحت القصور والأشجار، قال تعالى: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15].
قوله تعالى: ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ ﴾ أي:
بسلامة من كل داء وآفة. وآمنين: أي من كل خوف وفزع، ولا تخشوا من إخراج، ولا انقطاع شيء من النعيم الذي أنتم فيه أو نقصانه، كالموت، والنوم، والمرض، والحزن، والهم، وسائر المكدرات، كما قال تعالى: ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ﴾ [ق: 34]، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ينادي منادٍ إن لكم أن تَصِحُّوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، فذلك قوله عز وجل: ﴿ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 43]» [1]، والأمن مطلب لجميع الناس في الدنيا والآخرة، ولذلك قال تعالى عن أهل الجنة (آمنين)، حتى تكتمل السعادة والفرحة.
قال أمية بن الصلت:
وحل المتقون بدار صدق
وعيش ناعم تحت الظلال
لهم ما يشتهون وما تمنوا
من الأفراح فيها والكمال
قوله تعالى: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]:
الغلّ: هو الحقد والعداوة، فَبَيَّنَ تعالى في هذه الآية الكريمة أنه نزع ما في صدور أهل الجنة من الغل في حال كونهم إخواناً، وبيَّن هذا المعنى وزاد أنهم تجري من تحتهم الأنهار في نعيم الجنة، وذلك في قوله: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 43].
قال ابن كثير: وهذا موافق لما في الصحيح من رواية قتادة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فَيُقَصُّ لبعضهم من بعضٍ مظالمَ كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبُوا ونُقُّوا أذن لهم في دخول الجنة»[2].
ولما دخل عمران بن طلحة على علي رضي الله عنه بعدما فرغ من أصحاب الجمل، فرحب به وأدناه وقال: إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47].
والحكمة في نزع الغلِّ؛ حتى تكتمل السعادة والفرحة، فإن الغلَّ يفسد القلوب ويضيق به الصدر، ولذلك شرح الله صدر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأرسل الله له في صغره مَلَكين، ونزعا ما في صدره من الغلِّ والحقد وغسلا قلبه.
قوله: ﴿ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾:
السرر: جمع سرير مثل جديد وجُدد، وقيل: هو من السرور، فكأنه مكان رفيع ممهد للسرور، قال ابن عباس: على سرر مكلّلة بالياقوت والزبرجد والدّر.
السرير ما بين صنعاء إلى الجابية وهي قرية بالشام، وما بين عدن إلى أيلة وهي مدينة على ساحل البحر الأحمر مما يلي الشام، وقد وصف الله هذه السرر بأنها منسوجة بقضبان الذهب وهي (الموضونة)، فقال: ﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الواقعة: 13، 16].
وقيل: الموضونة المصفوفة، كقوله تعالى: ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾ [الطور: 20].
وأيضاً هذه السرر مرفوعة، قال تعالى: ﴿ فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ﴾ [الغاشية: 13]، وقال تعالى: ﴿ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾ [الواقعة: 34]، وقال سبحانه: ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ﴾ [الرحمن: 76].
قوله تعالى: ﴿ مُتَقَابِلِينَ ﴾:
أي: لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض، وذلك دليل على تزاورهم واجتماعهم وحسن أدبهم فيما بينهم، في كون كل منهم مقابلاً للآخر لا مستدبراً له، متكئين على تلك السرر المزينة بالفرش واللؤلؤ وأنواع الجواهر.
قوله تعالى: ﴿ لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ [الحجر: 48]:
بيَّن تعالى في هذه الآية الكريمة أن أهل الجنة لا يمسهم فيها نصب وهو التعب والإعياء، و﴿ نَصَبٌ ﴾: نكرة في سياق النفي فتعمُّ كل نَصَب، فدلت الآية على سلامة أهل الجنة من جميع أنواع التعب والمشقة، وأكد هذا المعنى سبحانه، فقال تعالى: ﴿ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴾ [فاطر: 35]؛ لأن اللغوب هو التعب والإعياء، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله هذه خديجة قد أتت، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب»[3].
قوله تعالى: ﴿ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾:
بيَّن تعالى أن أهل الجنة لا يخرجون منها، فهم دائمون في نعيمها أبداً بلا انقطاع، وأوضح سبحانه هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ [الكهف: 107، 108]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴾ [ص: 54] إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 49-50]:
هذه الآية موازية لقوله صلى الله عليه وسلم، كما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة، ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة، ما قنط من جنته أحد»[4].
فالعبد ينبغي أن يكون قلبه دائماً بين الخوف والرجاء والرغبة والرهبة، ويكون الخوف في الصحة أغلب عليه منه في المرض، فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته وجوده وإحسانه أحدث له ذلك الرجاء والرغبة، وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربه أحدث له الخوف والرهبة والإقلاع عنها، فالقنوط من رحمة الله يأس، والرجاء مع التقصير إهمال، وخير الأمور أوساطها[5].
الآيات الخامسة عشرة والسادسة عشرة والسابعة عشرة وحتى الآية الواحدة والعشرين تبدأ بقوله تعالى:
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾
هؤلاء الذين اتقوا ربهم في الدنيا، هؤلاء الذين غضوا أبصارهم هؤلاء الذين حفظوا فروجهم، هؤلاء الذين حرروا دخلهم، هؤلاء الذين أنفقوا مالهم فيما شرع الله عز وجل، هؤلاء الذين ربوا أولادهم، هؤلاء الذين حملوا زوجاتهم على طاعة الله، هؤلاء الذين أقاموا الإسلام في بيوتهم، هؤلاء الذين أقاموا الإسلام في عملهم، هؤلاء الذين رجوا رحمة ربهم.
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15)﴾
هذه الثمرة، وهذه النتيجة،
﴿ آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ﴾
يعني، أيام إنسان يدع ويكرم، يجلس في أجمل مكان وعلى أفخر أريكة وأمام أجمل مناظر، تقدم له أنواع الشرابات، أنواع المقبلات، يخدم خدمةً رائعة، تقدم له ألوان الأطعمة، ألوان اللحوم، أنواع الفواكه، أنواع الحلويات، الورود، يعطر، يكرم، يشيع إلى الباب.
﴿ آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ﴾
كانوا في دنيا، كانوا في دار عمل، واليوم دار جزاء، كانوا في دار تكليف، واليوم دار تشريف، كانوا في دار كد والآن دار متعة،
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ ﴾
لماذا يعاملون هذه المعاملة ؟ لماذا يكرمون هذا التكريم ؟ لماذا هم في أعلى درجات السعادة ؟ قال:
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
هذا الثمن أن تكون محسناً في الدنيا، مطلق، تحسن عملك، تتقن عملك، تضبط لسانك، تربي أولادك، تكتفي بما أحل الله لك، تأخذ ما لك تترك ما ليس لك
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
لك صنعة أتقنها إرحم المسلمين بالأسعار، أتقن الصنعة من أجل أن ترقى،
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
ثمن هذه الجنة، التي لهم فيها ما يشاءون، التي هم يأخذون ما أتاهم ربهم، ثمن هذه الجنة
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
عمله طيب، في إنسان عمله سيئ، جار خبيث، جار شرير، جار عدواني.
أخ كريم يعمل في إكساء البيوت، أحد العمال يحمل أنبوب حديد مس سيارة الضوء الخلفي، أقسم لي بالله وهو صادق الضوء جرح اثنين سانتي، جرح ما انكسر، نزل صاحب المركبة أقام النفير، قال له كل خساره عليك، قال له: أمهلني إلى الغد، في الغد قال له: ثمانية عشر ألف وخمسمائة، قال له الضوء كله ثمنه ثلاثة آلاف، قال له ثمانية عشر ألف وخمسمائة، وإلا بقيم قيامتك، لأنه السيارة خاست قال له ركب ضوء جديد، قال له بفك الضوء وتركيبه السيارة خاست قال لي ثاني يوم آكل ضرب الصندوق واصل للمقعد الخلفي، بكاملها ما عاد طالبني بشي أبداً.
في إنسان عدواني، شرير، ما بريح أحد، واحد عمر غرفة بأرض الديار، بيته أرضي، بدو يزوج ابنه، لا حجب ريح، لا حجب منظر لا حجب شمس ضمن وجيبته الداخلية، خبر هدلوا ياها، عدواني.
هؤلاء
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
في محسن، وفي مسيء، في متواضع، في متكبر، في مفسد، في مصلح ، في مستقيم، في منحرف، في خائن، في مخلص، في معطاء، في أخَاذ، يبني حياته على الأخذ، في إنسان يبني حياته على العطاء.
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
هذه الجنة التي ينعمون بها، هذا النعيم المقيم، لهم فيها ما يشاءون،
﴿ آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16)﴾
هذا العطاء بسبب ذاك الإحسان.
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
لماذا صار محسناً ؟ من أين جاءه الإحسان ؟ من أين جاءه هذا الفضل ؟ طيب ما هذا التواضع ! ما هذه الرحمة التي في قلبه ؟ ما هذا الإنصاف ؟ ما هذه الواقعية التي يحياها؟ ما هذا القلب الكبير الذي يسع جميع الناس
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) ﴾
قال
﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) ﴾
آيات متسلسلة، الجنة بسبب الإحسان، الإحسان بسبب الاتصال بالله، الله عز وجل مصدر كل كمال، فاتصلوا به فأصبحوا محسنين
﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)﴾
اتصالهم وتهجدهم وإقبالهم وتذللهم وافتقارهم وصلتهم بالله عز وجل صبغة قلوبهم بالكمال، فأصبحوا محسنين.
يعني الإنسان إذا اتصل بالله، الأثر الواضح أنه محسن، في كل شيء محسن، في بيته في عمله، في صنعته إن كان تاجر صادق، أمين لا يكذب، لا يغش، لا يحتال، لا يحاذي، إذا كان صانع متقن معتدل، في أي شيء
﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) ﴾
طيب، كيف اتصلوا بالله عز وجل ؟ بدنا السبب، قال
﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)﴾
أنفقوا من أموالهم فاتصلوا بربهم فأحسنوا إلى خلقه فاستحقوا جنة ربهم بالتسلسل،
﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)﴾
لماذا أنفقوا أموالهم وغيرهم لا ينفق ؟ لأنهم عرفوا ربهم، وفي الأرض آياتٌ للموقنين فكروا في ملكوت السماوات والأرض.
إذا كانت الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمائة ألف مرة، وبين الأرض والشمس مائة وستة وخمسين مليون كيلومتر، وفي نجم أحمر يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما، فكروا في الكون، فكروا في المجرات، فكروا في الشمس، في القمر، في الليل، في النهار، في خلقهم في هذه العين هذا الأنف، هذه الأذن، هذه الأعضاء، هذا الهيكل العظمي العضلات، القلب، الكبد، البنكرياس.
﴿ وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾
طيب، لماذا شغلوا غيرهم بكسب المال والمزاحمة على الشهوات ؟ وهم انشغلوا بالله، قال: لأنهم اعتقدوا،
﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23) ﴾
بالتسلسل، اعتقدوا أن الرزق مضمون، فاشغلوا أنفسهم بعض الوقت في رزقهم، بعض الوقت، وبعض الوقت في معرفة ربهم، فلما عرفوا ربهم تقربوا إليه في إنفاق المال، فلما تقربوا إليه في إنفاق المال اتصلوا به فلما اتصلوا به اصطبغت قلوبهم بالكمال، الانعكاس المادي إحسان للخلق، الإحسان سبب الجنة، انصرفوا إلى معرفة الله تقربوا إليه بإنفاق المال، أقبلوا عليه اصطبغت نفوسهم بكمال الله أصبحوا محسنين استحقوا جنة رب العالمين.
هذه الآيات:
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)﴾
الطريق مفتوح، أولاً أطلب العلم ولا تجعل كسب المال يأكل كل وقتك، أنت أكبر خاسر، لو كان دخلك باليوم مليون ودخلك الكبير ما سمح لك أن تفعل شيئاً ولا أن تستمع إلى مجلس علم ولا أن تؤدي طاعةً ولا أن تأمر بالمعروف، فأنت خاسر.
إخواننا الكرام: دققوا في هذه الجملة، العمل الذي يأكل كل وقتك خسارةٌ محققةٌ لك.
واحد راح لفرنسا ليدرس، ما معه، قال: بشتغل ساعة هالساعة بتكفي مصروف الشهر كل يوم ساعة، مهيأ يأتي بالدكتورة، موعود بمنصب رفيع ببلده، بأجمل بيت، بأجمل زوجة، بأجمل مكانة، بأجمل دخل، بأجمل مركبة، فلقى في شغلة ساعتين ضاعف مبلغه أحسن، ثلاث ساعات ثلاث أمثال، قام وجد شغلة حارس ليلي أثنى عشر ساعة، ووجد شغلة بالنهار أثنى عشر ساعة، قام غطى وقته كله أصبح دخله كبير كثير بفرنسا، يا ترى هذا الدخل ربح أم خسارة خسارة، ضيع بلده، وضيع مكانته، وضيع المنصب.
فأي عمل يأكل كل وقتك هو أكبر خسارةٍ لك، الإنسان يحيى في وقت فراغه، يلي ما عنده وقت فراغ ماله إنسان، هذا آله، يلي عمله يستغرق كل وقته هذا آلة، لا يفهم شيئاً، يأتي الموت فجأةً، أبداً، ماله مستعد، الموت يأتي فجأةً والقبر صندوق العمل.
ملخص الدرس:
إذا سمحت لعملك التجاري، أو الصناعي، أو المهني أن يأكل كل وقتك فأنت أكبر خاسر، لابد من أن تقتطع وقتاً لمعرفة الله، ومعرفة منهجه، لابد من أن تقتطع وقتاً لخدمة الخلق، للعمل الصالح، من أجل أن ترقى.
الشيء الثاني هي تسلسل، يعني عرفت الله، تقربت إليه اتصلت به، اصطبغت نفسك بالكمال، كنت محسناً دخلت الجنة.
لذلك الإنسان إذا وصل إلى الجنة حقق الهدف من وجوده، وكل إنسان يصل إلى الجنة فهو العاقل، وما سواه مجنون، عليه الصلاة والسلام رجل مجنون في الطريق، علم أصحابه قال من هذا، هو يعلم من هذا، قال هذا مجنون، قال لا، هذا مبتلى ! المجنون من عصى الله،
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)﴾
( سورة هود: 28 )
المجنون من عصى الله، لأنه في موت، نحن جميعاً بعد مائة عام ما في حدى منا موجود، كلنا تحت الأرض، بس موزعين، شيء بباب صغير وشيء بالجبل، كلنا تحت الأرض، أليس كذلك، قلت مائة عام حتى واحد صغير ما يقول أنا بكير عليَ، مائة عام، الموت مصير كل إنسان، والآخرة هي الأصل، لذلك هنيئاً لمن عمل لآخرته، يقول عليه الصلاة والسلام
(( الكيس من دان نفسه وعمل إلى ما بعد الموت، والعاجز من أتبعى نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..
والحمد لله رب العالمين


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق